الثلاثاء 28 أكتوبر 2025

الحرب على غزة

1ـ قراءة لأرضية الواقع وفق منظور المحلل السياسي

 

يسعى المحلل السياسي لدراسة ظاهرة ما أو حدث بناء على ما استجمعه من أدلة ظاهرة على سطح الأحداث أو خفية مما يخشاه الناس أن ينسب إليهم من مكر وخديعة أساسهما الكبرياء والظلم ودوافعهما الفكر الإقصائي والأموال المنهوبة من شعوب مغلوبة على أمرها

، ويعمد المحلل إلى الكشف غن الخبايا والنوايا ليربط الأحداث في تناغم منطقي ونحليل عقلاني يترك له المكانة المحترمة بين زملائه السياسيين ، والمستمعين والمتتبعين على السواء , وبهذا يجد لكلامه صدى يشجعه على المضي في دربه, وللحقيقة فتحليلاته ضرب من الخرص والتخمين لا علاقة لها بما ستأول إليه الأمور واقعيا ولا بما ستنطوي عليه خفايا الأمور ولا ما يستره غيب الله من وقائع ومستجدات ، لم تكن في حسبان الدارسين ,

 

وللناظر بعين الواقع لدوافع الحرب على غزة قد يطالع إمكانات إسرائيل العسكرية ، وما أبدته حماس في حربها السابقة معها من عناد أسه إخلاص لله واستماتة برباطة الجأش وهو الشيء الذي استجد في الساحة بعد أن ألفت الحروب أن تحسم على سجاد أخضر في نوادي القمار العالمية,

وإضافة إلى هذه المعطيات يراعي المستجدات الإقليمية وما تدفع إليه دولا اتخذت من إقصاء جماعة الإخوان المسلمين من المنطقة هدفا ومسعى تسخر له كل إمكاناتها ، وتحشد له كل طاقاتها وحماس اتخذت لنفسها لونها المشئوم عليهم ، مما يجعلها هدفا ومرمى لتخبطاتهم إبعادا لفكرها وإقصاء لثغر يمثل الإخوان أو يبقي لهم بقية ، قد تكون نذير شؤم عليهم,


وبهذا يجد المال الممدود لتمويل الحرب ، ويجد القوة المنفذة وهو سلاح إسرائيل ، ولم يبق إلا القفز على الضحية التي عمدت لتوحيد صفوفها مع منظمة فتح لتصدها عن درب الحوار مع إسرائيل وتجرها لدرب المقاومة والجهاد و هذا ما طوى ملف المفاوضات مع إسرائيل الهادفة لحل الدولتين, وهو ما تستنزفه إسرائيل من وقت وجهد ليطول أقصى ما أمكن ذلك ، دون أن يحصل المتحاوران على نتيجة تذكر, ولا يخفى ما لهذا العامل من أثر أنهت جهودا دولية منذ اتفاقية أوسلو لتحقيق السلام بين إسرائبل وجيرانها الفلسطينيين ؛


وبهذه المعطيات اكنملت الحلقة ولم يبق إلا القفز على الضحية المستضعفة بكل مقاييس المنطقة.

وكل هذه المعطيات منشورة على أرض الواقع لا تحتاج لجهد يذكر في جمعها,

 

ـ قراءة في سنة الله للأحداث :

1 ـ ومكر أولئك هو يبور


وجدت حماس نفسها في مواجهة دول المنطقة الساعين لمحو آثار وجود جماعة الإخوان المسلمين ؛ كما اعتادت إسرائيل أن تجعل من حماس هدف ملف وحدة أحزابها السياسية ؛ تلوح به متى شاءت، ،وبخاصة إن عنّ خلاف بين صفوف أحزابها ، وتتوعدها متى شاءت استخفافا بمكانتها وسخرية من قدراتها العسكرية والسياسية في المنطقة.

 

إعلان الوحدة بين السعودية وإسرائيل نذير شؤم على من تخامر نفسه ركوب قطار المقاومة ومعلوم بأن من ركبوا هذا النهج هم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني.

 

أدرك المتهورون وقائع الساحة السياسية وما لم يدركوه هو ما تقتضيه سنة الله في الكون والقرآن ، إذ يتصرفون كأن الله لا وقع له في الأحداث ولا دخل له في المجال السياسي والاقتصادي، والاجتماعي ؛ وأن لا أثر لقيوميته على وجه الأرض ، وأن القرآن الكريم قد انفصل عن الفقه منذ نشأة الأحزاب الفقهية من جعفرية ، وحنفية ، ومالكية ، وشافعية ، وحنبلية


ومسألة القراءة السياسية على وفق سنة الله تكشف ما يلي :

1ـ أن المسألة برمتها انبنت على مكر دول المنطقة وتآمرهم مع إسرائيل ضد حماس وهنا غفل الغافلون

عهود الله التالية :

{ ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}

{ ومكر أولئك هو يبور }

 

وهذا ما يستدعي عدم التفرغ لهم ـ مع عدم الغفلة عن مخططاتهم وقد كفى الله المؤمنين مكرهم ، والعدو أمرنا بالحذر منه ومن كيده.


2 ـ هناك عامل حاسم وهو الاستخفاف بقوة حماس واستضعافها وبخاصة بعد ثمان سنوات من الحصار والتضييق عليها.

وإرادة الله اقتضت :

 

أ ـ نصرة المستضعفين ؛

 

ب ـ جعل من مجاهديها آئمة ؛

 

ج ـ وجعلهم الوارثين ؛

 

د ـ والتمكين لهم في الأرض ؛

 

هـ ـ أن يرى كل من استضعفهم ما كانوا يحذرونه منهم.


3 ـ جاء الإذن الرباني بمقاتلة من يقاتلوننا ظلما وعدوانا ؛


4 ـ عهد ربنا بتمام نعمته على من لم يخش ظالما.


5 ـ أمرنا بإعداد ما استطعنا لمقاتلة أعدائنا ؛ فالأمر لا ينبني على العدة والعدد بقدر ما ينبغي فيه التوكل على الله والاعتماد عليه وما النصر إلا من عنده سبحانه وتعالى


6 ـ مهما تلقى المؤمن من أذى ومن رزايا في المال والأهل فهي أقصى ما يستطيع العدو تحقيقه والوصول إليه. وليس من حقق أكثر الضرر هو من انتصر ؛ كلا إنما تجري الأمور على عهد الله الذي ينصر من يشاء ، ولا يظلم ربك أحدا ، وما ربك بظلام للعبيد.

 

7 ـ النصر مرتبط بالثقة بالعهود الربانية وقد عهد إلينا ألا نخاف الظالمين ولا نستكين إليهم ، ولا نهين قوتنا فإن معية الله معنا ، ثم لا ندعوا للسلم فنحن الأعلون بحول الله وقوته.


8 ـ إسرائيل لا تستطيع الصمود في الحرب طويلا لعهد الله الذي تعهد بإطفاء نار حربها.


من خلال هذا التصفح لمضامين النصوص القرآنية نجد أن عهد الله بنصر المستضعفين أي كانوا ، وبتمام نعمه على من لم يخش ظالما ، والله لا يخلف وعده ، بل ومن أوفى بعهده من الله ؟ وهذا معتمدنا في تبشير إخوتنا في غزة بنصر من الله وتمام نعمه عليهم رغم ما لاقوه من صعاب من فقد الأحبة وشظف العيش وهدم البيوت والبنية التحتية لواقع غزة …


ولا يخفى ما يتهددنا به الخصم وأحيانا الصديق ولتكن ثقتنا بربنا أوثق العرى وأقواها,

 

وهنا أبين بأنه لا مجال للمقارنة بين ما تقتضيه دراسة المحلل السياسي والتي لا تكاد تتجاوز الرقعة الإقليمية في تحليل الأحداث فضلا عن الحديث عمن حقق رضا الله وسعى لجني خير الدنيا والآخرة.

 

فهل تستطع الدراسات المادية للأحداث والوقائع التكهن عن المنتصر في معركة من المعارك ؟ وهل تستطع أن تشحذ الفكر بمقومات النصر والثبات ؟ وهل تهيء له صبرا يؤازره ويعينه للوصول بمآربه ؟ وهل كان بإمكان محلل سياسي أن يعلن أن صمود غزة سيبقى طول هذه المدة فضلا عن أن يبشر بنصرها ؟ وأن ضعف قوة إسرائيل يكمن في استمرار الحرب أطول مدة ؟

 

وللحقيقة ما حاولته هنا هو مجرد بيان لما أدركه الفكر الإنساني وما تربطه به الدراسات سنة الله من بشريات في الحياة الدنيا وما يدخر له ربه في الحياة الأخروبة؛ وما هي في الحقيقة إلا إشارات تنبه الغافل وتوقظ النائم وترشد إلى عظيم أسرار الكتاب المبين وإلا فالدراسات السننية تقتضي حسابات دقيقة لا تفكها إلا الحواسب المرتبطة بعضها ببعض في تكامل من أجل فك طلسمها وبيان تداخل السنن بعضها ببعض إلى ما لا نهاية لحساباتها وسبحان الله سريع الحساب.

 

{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} لقمان الآية

اقرأ كذلك

تنبيهات القرآن من توظيف الإحصائيات لدى الغرب

قديما اتهم علم الإحصائيات بكونه فن الكذب بالدقة ودارت أحداث على المستوى العالمي وخرج علينا …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

two × 2 =