بين خرص الخارصين ويقين الموقنين

الخلاق العليم خلق الخلق وأمر الأمر وجعل الخلق والأمر من اختصاصه جل جلاله ، وهو تحد لكل من عاكس الرؤية التوحيدية للخلق والأكوان ومهما تمادى في غيه وإلحاده أليس ما يتربصهم من أقداره جل جلاله جاءت وفق وعوده سبحانه وتعالى لا تحيد عنها ولا تنحرف عما سوقوا إليه رغم ما تزخر به مكاتبهم من رجال تخطيط ودراسة

ووعي لمراحل ، وإدراك لصعوبات فهل خرجوا في جملة تخطيطهم عن كونهم خراصين في تقديراتهم ويؤتون من حيث لم يحتسبوا ؟

(قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ – 10 – الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ – 11 – يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ – 12 –) الذاريات       
وما التعديلات الممنهجة لكل تخطيط خشية اتساع الفارق إلا خير دليل. وتقدمت البشرية في دراسة العلوم على اختلافها لكن العلوم الاجتماعية وبخاصة العلوم السياسية بقيت ” فن الممكن ” لكونهم أعرضوا عن جوهرها واستداروا ظهرهم لها إمعانا في جحودهم لكتاب ربنا ظنا منهم أنهم صدوا عنه وانزووا عما يحمله من أفكار ، وما دروا أنهم صرفوا عنه طردا لهم عن المساس بكنزه الثمين ومعينه الصافي إذ لا مجال فيه لكهانة ولا لخرص وإن ما يعتد به المؤمن هي العهود الربانية التي لن تجد لها تبديلا ولا تحريفا ولا تخويلا ومن هنا دخلت مجال العلم من أوسع أبوابه ، وهذا فضلا عن اطرادها وجريها على نسق واحد مهما تعددت الأمثلة وتغيرت الوجوه.  
مضى الرباني وفق عهود ربه ، مطمئنا ضميره مرتاحا باله لا يعتريه قلق مصير ، ولا خشية إفلاس فكر ، وإنما تعهد له ربه بالسكينة والطمانينة والمضي على درب اليقين الذي لا خوف يعتريه ولا حزن يشمله.

وبين يقين الموقنين وخرص الخارصين تكمن حجة الله على خلقه ، وخرجت الحركات الإسلامية للساحة السياسية وأبدت كل منها نغمة نشوزها عن كتاب ربها لما اعتدت بفقه سلطاني ابتعد عن كتاب ربه ونأى في بعده حيث لم يستق منه إلا بضع آيات بلغت أقصاها خمسمائة آية. وكأن ما تبقى وهو يفوق 6000 آية لا وجه له فقهي ، ولا حكم فيه شرعي. وهكذا زعق كل منهم بما زعم واختلفت بينهم التوجسات، وتفرقت مجالات اجتهاداتهم وأصبح كل حزب بما لديهم فارحين. وبهذا أعطوا صورة فاشلة عن الإسلام وعن معينه الصافي وفكره الثاقب ورؤيته الوحدوية للخالق والكون على السواء ، وبخاصة حين اعتلوا منصة الفكر الإقصائي وهو وجه للفكر الفرعوني.