الأربعاء 29 أكتوبر 2025
الرئيسية / ثقافة عامة / مستجدات ظرفية / محاكمة الأفكار والاجتهادات

محاكمة الأفكار والاجتهادات

لكم ساءني ” شبه إجماع” العقلانيين من أصحاب الفكر اليساري ودعاة حقوق الإنسان بتوصيتهم ودعوتهم لمحاكمة الشيخ هاشم إسلام الواعظ في إدارة الدقهلية صاحب فتوى قتل المتظاهرين، وانقياد كثير من دعاة الإسلام لها.
وما سرني قيام المحكمة بالتحقيق معه،– ومع كل احترامي للقضاء وقيامه بواجبه – لا لشيء وإنما المسألة مسألة اجتهاد فقهي ورأي شخصي لا ينبغي أن تقابل الفكر – رغم ما يحمله من أخطاء، – بسيف القضاء، .
فهل هي حملة تشن على السلفيين بآرائهم المتطرفة أحيانا، والمخطئة في كثير من الأحيان، والمرء خطاء بطبعه. فهل نريد إقصاء فريق فكري من المجتمع؟ فقد أمرنا ربنا بحسن التعايش حتى مع اليهود والنصارى فكيف بمن نشاطرهم التوحيد والكتاب والسنة واللغة والوطن ؟
فالفكر لا يقابل إلا بالفكر، والمسألة سواء نشرت في الصحف أو أذيعت في الفضائيات تبقى من اختصاص وزارتي الإعلام والثقافة والتي عليهما تصحيح الأخطاء الفكرية بالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
فكم ثارت من ثورات، وكم قامت من دعوات، تصدى لها علماء حكماء برفقهم وتوءدتهم استطاعوا سل سخائم القلوب ونشروا رحمة الإسلام ووسطيته بأقل الخسائر، فلا محاكمات، ولا تكبيل للفكر ولا إرهابه، والإبداع لا ينبت في كوانتنامو ولا تشم له رائجة هناك.
فهل لأي كان أن ينادي بمحاكمة محلل سياسي؟ حيث حلل هذا المسألة من وجهة نظره، وذاك أعرب عما تجيش به خواطره وكل ظنهما أنهما أحسنا صنعا بإخلاص النصح للقراء والمستمعين.
فإذا ما عمدنا إلى المضي في نفس الدرب بالمحاكمات فإني أبشركم بتأسيسكم لمدرسة النفاق حيث ينقلب المخالفون إلى أفاعي سامة تنهش أصحاب الفكر المختلف معها وينعدم التواصل الفكري والتوازن العقلي، وتنكمش الأفكار بانغلاقها وبالتالي يتم وأد التنمية البشرية.
أطالب بأعلى صوتي السلطات العليا بعدم محاكمة إسلام هشام عبر مجلس قضائي وإنما عبر مجلس علمي يستتيبه بعد البيان الشافي، وليس عبر المحاكمات.
أرجو أن لا نفتح الصراع الطائفي سلفي/صوفي/إخواني، ليستريح أعداؤهم جميعا في مقهى الفرجة وقد نجحت دعوتهم لمحاكمة الفكر، بينما كلما مس أحدهم طبلوا بحقوق الإنسان، وحرية الرأي والفكر؛ بل وتتدخل الرئاسة للتشريع رفع الحبس الاحتياطي من أجلهم.
فما الفتوى إلا رؤية انبنت على فرع تصور المسألة، فإن أبيتم إلا محاكمة الفكر والفتوى فإني أطالب أيضا بمحاكمة المحللين السياسيين، في تخميناتهم وتنجيماتهم الغير البريئة في كثير من الأحيان. فهل يعقل أن نحاكم النوايا وما تنطوي عليه القلوب؟؟؟

أرجو من رئاسة الدولة تحرير الفكر من كل إرهاب أيا كان شكله ولونه، فما ينشر أو يبث عبر الفضائيات ينبغي أن يحاكم من قبل رجال الفكروالدعوة والعلم، لا من قبل القضاء.
فهل يخيب ظني فيمن يؤسس لمجتمع متكامل حر وعبقري ؟؟؟ إذ العبقرية لا تتأتى إلا على أرضية حرية الفكر والإبداع

اقرأ كذلك

تنبيهات القرآن من توظيف الإحصائيات لدى الغرب

قديما اتهم علم الإحصائيات بكونه فن الكذب بالدقة ودارت أحداث على المستوى العالمي وخرج علينا …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − 9 =