سؤال يتناوله خفافيش الظلام ، فيتيهون بين الدقة العلمية لقوانين الكون ونظامه الرائع وحلقة ربط هذا الكون بقوانين قرآنية مطردة لا يحيد عنها ، ولن تجد لها تبديلا ولا تغييرا حيث مضت على نسق وحيث ما ظهرت مقدمات أمر لحقتها نتائجه, قوانين متسقة ومتضافرة من دونها تبقى الحياة عبثا بل عبئا ثقيلا
,
منذ صفحاته الأولى تحدث القرآن عن أسباب وجود الإنسان على هذه البسيطة والمهمة الجليلة التي جاء لإنجازها في هذا الكون,
ويطلعنا القرآن على عدالة الله في كونه حيث سوى بين كل مخلوقاته ولم يجعل التفاضل بينهم إلا بالتقوى وجعل الناس شعوبا وقبائل ليتمايزوا بالتكريم الرباني ويتنافسوا التقوى لكون الله رب الجميع أبيضهم وأسودهم عربيهم وعجميهم, فهو خالقهم وهو رازقهم ،
وكما ميز الله المؤمنين بالتقوى تجلى الظلم في الظالمين الغاصبين لحقوق الناس ، والمستعبدين الخلائق من دون الله ، وانحاز الله لجانب المظلومين ووعدهم بتمام النعم إذا هم تصدوا للظالمين الطاغين ، وجعل لهذه العقبة الكأداء جزاء وتكريما ، فكان الله وملائكته أنصارهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ووعدهم بالجنة وبالتكريم نزلا من غفور رحيم ، وبهذا التثبيت الرباني تتجلى وقفات الراسخين في العلم القائمين لله في كل حركة و سكنة ، فما عندهم من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربهم الأعلى ,
وتجلت غطرسة المتغطرسين في الانصياع لدروب الفساد وينقادون بين مطرقة الوعد والوعيد , وهيمن خوف المخلوقات عليهم وأضحوا خاشعين خاضعين لغطرسة الملإ من أقوامهم والوجهاء من بني جلدتهم ، فما زادهم فعلهم إلا ذلا وانكسارا وتسلطا ,
وإن أكبر ظلم يرتكبه المرء هو ذله وانكساره للمخلوقين ؛ فالخوف غريزة بشرية فإن وجهه المرء إلى الله كفاه الله شر المخلوقات ؛ وإن وجه خوفه لأي كان من دون الله سلط الله عليه من هابه حتى يذيقه الذل والهوان ويسترسل في إذلاله حتى يتوب إلى ربه أو يبقى عليه ضدا أبدا,
إنه قانون الله القاهر فوق عباده ؛ وما من قاهر إلا ويقهره القهار جل جلاله, وما من خاضع لجلال الله ولم يخش ظالما إلا ألبسه الله لباس عز ، فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، والخيبة للظالمين الكافرين بحقوق ربهم وحقوق غيرهم والذل والصغار لكل من لم يخش الله,
والله عزيز غفور , وهو اسم مركب من اسم الجلالة وصفة العز والمغفرة وهو باب عظيم فتحه العليم الحكيم ليدخل منه الطامعون في خشية الله والمتوسلون بهذا الاسم المركب الثلاثي,
أكتفي هنا بهذه الإشارات وإلا الموضوع يحتاج إلى صفحات طوال ، جعلنا الله من أحرار هذا العالم الذين لا يكلون وزنا للظالمين في أوج طغيانهم ، فأحرى عند دهاب رونق بهرجتهم ، ونسأله جلت قدرته أن يجعلنا من الذين لا يخشون في الله لومة لائم ومن الذين يخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله عزيزا غفورا
الأستاذ محمد جابري الموقع الرسمي