دعوا الخلق للخالق
24 مارس، 2013
صفحات تربوية
38 مشاهدات
ما يدعم ويقوي فكر المبطلين ليس ما هم عليه في نظرنا من البدع والإبطال ولكن عدم مفاتحتهم والتحاور معهم، فلقد حدث أن فاتحت أناسا رميتهم بشتى الأوصاف، منها التمسح بالقبور و… – وكنت عندها خفيف الظل – فإذا بصغير القوم يقفز إلى صدارة المجلس والشيوخ من حوله ويعلنها ردة فعل علمية:
– أتتهمنا بالبدع والخرافات؟ فليس لي معك كلام ما لم تجبني عن أسئلتي التالية ليتضح لي – إن كنت من أهل العلم واصلت الحديث معك – وإلا هذا فراق بيني وبينك؛ فليس لي وقت للقيل والقال، وقد دفعت التهمة عنا بأسئلتي. وجوابك فرض كفاية، وقد فضلت أن أرفعه عنا بأقل جهد، وفي أقل وقت؛ فلم أضع وقت شيوخي، وخيّل إلي – من ضعف سمعي – كأن أحد الشيوخ يقول : سلاما، سلاما، سلاما، فأبهرتني عباراته إذ انقلب السحر على الساحر وأصبحت المبطل في جمعهم وهو يرمز لقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} [الفرقان : 63]
السؤال الأول:
لماذا لم يبق الحق سبحانه وتعالى جثمان سيدنا عيسى عليه السلام على الأرض؟ ولماذا لم يعلم الله جل جلاله لسيدنا إبراهيم كيفية إحياء الموتى، بل بين له قدرته على ذلك، على عكس سيدنا عيسى علمه القدرة على ذلك؟
السؤال الثاني:
من أين للسامري معرفة تأثير القبضة التي قبضها من أثر الرسول – عليه السلام – حتى أضحى العجل له خوار؟
السؤال الثالث:
– لماذا نتغاضى الطرف عن قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } [النساء : 64]؟ أفليس الشرط بإذ وإذا مع ذكر الماضي يفيد التجدد والتكرار؟.
هزتني نباهة صغيرهم ، بل عمق فقهه، وفكرت مليا في أسئلته، ورجعت إلى نفسي: لئن قالوا بأن علمنا يقف عند ظاهر النص، فقد صدقوا هاهم قد غاصوا إلى تقعر الأسباب والمسببات، وكانوا أكثر حنكة منا، فأسئلته لم تكن أسئلة وإنما انطوت على أجوبة كافية شافية…
وبعد برهة زمنية عاد الشاب ليقول : ما قلت يا شيخ في أسئلتي؟
قلت ما قاله الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تخل أرض الله من قائم لله فيها بحجة.
فقال : إذن فهمت؟
قلت وزيادة، (لقد كان شيخي يقول دع الخلق للخالق، وسلم لأهل الأحوال في أحوالهم، فما حركة القوم إلا لله، وبالله، وفي سبيل الله، فأنى لك اعتراض سبيلهم؟)
وبعد هذا السرد لنماذج من هذا القبيل أقول ما أحوج الدعاة إلى حكمة تبلغ رسالة الله بهمة عالية، وحكمة كبيرة، تترك الحكم على الأشخاص، وتؤدي واجب ربها في ذلة وانكسار قلب، فلله في خلقه شؤون.
ولنا عبرة وعظة في قوله تعالى:
{ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ} [المطففين : 32] وعقب عليهم الحق سبحانه وتعالى بقوله:
{وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين : 33]
وحنكتني الحياة بأن لا أخوض فيما بين العبد وربه، بل أسعى جاهدا لانتشال ما استطعت من أنياب الفتن، وأن لا أرى إلا ربا وفضلا بقراءة ما ميز الله كلا منهم .