الأستاذ محمد جابري الموقع الرسمي
خلق الله الخلق من روح وجسد، وجعل لكل منهما غذاء ونماء فالجسد خلق من التراب ويأكل مما أنتجه التراب، بينما الروح نفخة ربانية علوية وزادها ما جاء من لدن ربها من قراءة القرآن وذكر واستغفار ،وتسبيح ، وتهليل ، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فضلا عما شرعه الله من قربات روحية من صوم وقيام و…
فمن اعتنى بالروح اعتناءه بالجسد أحيى الله روحه وكان لها شأن :
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [122]} الأنعام{
لهذا نعى الله على المنافقين موت حواسهم من سمع وبصر وقلب
}وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [179] } الأعراف
ولحياة الروح تدرج في يقظتها، فتستفيق من غفلة ، وتنهض من سبات ، تتلمس خطواتها في الحياة الدنيا رويدا ، رويدا فتتفتق عين بصيرتها ، وتشهد الأشياء على ما خلقت له، فعين القالب لا تبصر أكثر من مسافة معينة، وعين البصيرة تبصر ما يدور في الدنيا والآخرة :
}كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ [5] لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ [6] ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ [7]}التكاثر
ويستغرب مستغرب هذا الفهم ويتساءل أفي الدنيا هذه المشاهد أم في الأخرة ؟ والجواتب هذا في الدنيا أما في الآخرة يقول الحق جل جلاله
:
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا[71]ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا [72]} مريم
والرباني من يعتمد سنن ربه في التدرج ويسقي العطشى جرعة جرعة، حتى يستوفي المراد. فهذه أحاديث لها دلالتها، تثبت حياة الأنبياء والصالحين والشهداء بعد موتهم، ونؤكد تواصل الأرواح. وما الموت إلا نهاية الأجل أما المكانة عند الله فهي في تزايد والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
حياة الأنبياء بعد موتهم:
[لقد رأيتني في الحجر . وقريش تسألني عن مسراي . فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها . فكربت كربة ما كربت مثله قط . قال فرفعه الله لي أنظر إليه . ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم به . وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء . فإذا موسى قائم يصلي . فإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة . وإذا عيسى بن مريم عليه السلام قائم يصلي . أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود الثقفي . وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يصلي . أشبه الناس به صاحبكم ( يعني نفسه ) فحانت الصلاة فأممتهم . فلما فرغت من الصلاة قال قائل : يا محمد ! هذا مالك صاحب النار فسلم عليه . فالتفت إليه فبدأني بالسلام ]
(الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – لصفحة أو الرقم: 172 خلاصة حكم المحدث: صحيح.)
حياة الشهداء:
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران 169
حياة العباد الصالحين:
[إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون مدبرين ، فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، وكان الصيام عن يمينه ، وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس : ماقبلي مدخل ، فيقال له ، اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس ، وقد أذنت للغروب ، فيقال له : أرأيتك هذا الذي كان قبلكم ، ماتقول فيه ، وماذا تشهد عليه ؟ فيقول : دعوني حتى أصلي ، فيقولون : إنك ستفعل ، أخبرنا عما نسألك عنه ، أرأيتك هذا الرجل الذي كان قبلكم ، ماذا تقول فيه وماذا تشهد عليه ؟ قال : فيقول : محمد ، أشهد أنه رسول الله ، وأنه جاء بالحق من عند الله ، : فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له : هذا مقعدك وما أعد الله لك فيها لو عصيته فيزداد غبطة وسرورا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ويعاد الجسد لما بدئ منه فتجعل نسمته فيه النسم الطيب وهي طير تعلق من شجر الجنة فذلك قوله : {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة }وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شيء ثم أتي عن يمينه فلا يوجد شيء ثم أتي عن شماله فلا يوجد شيء ثم أتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء فيقال له اجلس فيجلس مرعوبا خائفا فيقال أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد عليه فيقول : أي رجل ؟ ولا يهتدي لاسمه ، فيقال له : محمد ، فيقول : لا أدري ، سمعت الناس قالوا قولا ، فقلت كما قالوا الناس ! فيقال له : على ذلك حييت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له : هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسره وثبورا ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له : هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو أطعته فيزداد حسره وثبورا ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه فتلك المعيشة الضنكه التى قال الله { فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى }
(الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – لصفحة أو الرقم: 3561 خلاصة حكم المحدث: حسن)
[ إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ]
(الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني – المصدر: صحيح النسائي – لصفحة أو الرقم: 2048 خلاصة حكم المحدث: صحيح )
أما عن تلاقي الأرواح فقد سبق لي ذكر الحديث النبوي [ من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، ولا يتمثل الشيطان بي](الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6993 خلاصة حكم المحدث: [صحيح])
ولا تعتقد أنني أسوق الحديث عن غير بينة، وحجة بين يدي ربي، ولله في خلقه شؤون وهاك شهادة شاهد : يروي بهاء الدين محمد مهدي الشهير بالرواس، قصة رحلته في كتابه “بوارق الحقائق” أقتطف لك منها ما يلي:
بينما هو بين يدي ضريح أحد الصالحين، ” جاء رجل أخذتني هيبته مني حتى كدت أغيب عني، فسلم، وقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وهمهم بكلمات بعد قوله هذا ما فهمتها، ثم التفت إلي، وقال: صاحب هذا القبر من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، قلت نعم، فقال أنت من ذريته، قلت لا أشك بذلك، فقال كثيرا ما جالست معه في خلوته هذه أيام حياته، قلت وفاته ستة سبعين وستمائة، قال: نعم ولنا معه أيام كالربيع كلها بهيجة، وهو من عباد الله الصالحين المقربين، فحرت لذلك؛ ثم قال كان هناك بالجانب الغربي له دار وغرف، وبيوت وجماعات، ولهذا الرواق خلاوي، وفيه أمة مت الصالحين والسالكين،وكانت عادته الهجعة بع العشاء ساعة، أو ساعتين، والقيام إلى الضحى، وله عبادات، ومجاهدات، وكان أعظم ورده تلاوة القرآن،هذا مع زهد وصدق،وكان من أحباب الله ومحبوبيه،…فألقى الله تعالى رحمة في قلبي أنه الخضر عليه السلام، فقمت وقبلت يده وركبته، فبارك لي ورحب وقال أنا هو الذي مر بخاطرك هات يدك أصافحها كما صافحت جدك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض يدي وقبضت يده….
أما عن تدخل الأولياء في قضاء حوائج الناس فإليك المصادر الدالة على ذلك:
[حديث الأبدال ]
(الراوي: – المحدث: السيوطي – المصدر: النكت على الموضوعات – لصفحة أو الرقم: 239 خلاصة حكم المحدث: صحيح وإن شئت قلت متواتر )
[الأبدال من هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم الخليل كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ]
(الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: الزركشي (البدر) – المصدر: اللآلئ المنثورة – لصفحة أو الرقم: 142 خلاصة حكم المحدث: حسن على رأي جماعة من الأئمة [وله شاهد] )
ذكر أهل الشام عند علي رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا : العنهم يا أمير المؤمنين ، قال : لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [البدلاء يكونون بالشام وهم أربعون رجلا ، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ، يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب ]
(الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: السخاوي – المصدر: المقاصد الحسنة – لصفحة أو الرقم: 27 خلاصة حكم المحدث: رجاله من رواة الصحيح إلا شريحا وهو ثقة )
[ البدلاء يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم البلاء ]
(الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: محمد بن محمد الغزي – المصدر: إتقان ما يحسن – لصفحة أو الرقم: 1/30 خلاصة حكم المحدث: رجاله من رواة الصحيح إلا شريحا وهو ثقة )
[البدلاء يكونون بالشام و هم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا, يسقى بهم الغيث و ينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم البلاء و في رواية بدله العذاب ]
(الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: العجلوني – المصدر: كشف الخفاء – لصفحة أو الرقم: 1/ 26 خلاصة حكم المحدث: رجاله من رواة الصحيح إلا شريحاً لكنه ثقة)
3 – [الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن ، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ]
(الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: ملا علي قاري – المصدر: الأسرار المرفوعة – لصفحة أو الرقم: 102 خلاصة حكم المحدث: حسن ، وله شاهد )
رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلا على من دونه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ] .(الراوي: مصعب بن سعد المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – لصفحة أو الرقم: 2896 خلاصة حكم المحدث: [صحيح] )
[أبلغوني الضعفاء ، فإنما ترزقون و تنصرون بضعفائكم ]
(الراوي: أبو الدرداء المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – لصفحة أو الرقم: 41 خلاصة حكم المحدث: صحيح)
[ ابغوني ضعفائكم ، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم ]
(الراوي: أبو الدرداء المحدث: الترمذي – المصدر: سنن الترمذي – لصفحة أو الرقم: 1702 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح )
[ ابغوني الضعفاء ، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم ]
(الراوي: أبو الدرداء المحدث: ابن دقيق العيد – المصدر: الاقتراح – لصفحة أو الرقم: 123 خلاصة حكم المحدث: صحيح )
ولا تلتفت بعد هذا إلى من ينهي عن زيارة القبور، فهاك الدليل الذي يرفع عنك الحرج، ودع الناس وشأنهم فكل يعبد الله على شاكلته، فاتخذ الشريعة نبراسا يستضاء بها في حلك الفتن وعند ربكم تختصمون.
[نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها . ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث ، فأمسكوا ما بدا لكم . ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء ، فاشربوا في الأسقية كلها . ولا تشربوا مسكرا .] وفي رواية : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [كنت نهيتكم . . .] فذكر بمعنى حديث أبي سنان .
(الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – لصفحة أو الرقم: 1977 خلاصة حكم المحدث: صحيح. )