الأربعاء 29 أكتوبر 2025
الرئيسية / ثقافة عامة / الربانية والفهم عن الله / أزمة العقل والنقل والإرادة

أزمة العقل والنقل والإرادة

فبأية عقلية نلمس النقل ولأجل أية غاية؟
تتلمذ رجال الأصول بين يدي رجالات العلم كما تتلمذ سلفهم على يدي رسول كريم يتناولون النصوص (الكتاب والسنة) بالفهم والمدارسة بعقلية العبد الخاضع لجلال مولاه، سعيا لاستنباط الأحكام، وطلبا لمرضاته، وطمعا في لذة النظر إلى وجه الله الكريم.


هي إذا، ثلاثة أشياء:
1- عقل الخاضع لجلال مولاه؛
2- مدارسة النصوص لاستنباط الأحكام؛
3- إرادة طلب وجه الله من العملية ككل.

من هذا المعين الصافي الذي تلقى السلف الصالح منه مشربه الطاهر ننهل وبه نتواصى، وعليه نعض بالنواجد.


وعلم أصول الفقه هو : العلم بالأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية. والملاحظ بأنه يعتني بالأحكام العملية وليس الاعتقادية – للتنبيه-. 

وحرص علماؤنا رحمهم الله على تقسيم مباحث علم أصول الفقه إلى أبواب خاصة:
1- القواعد الأصوليةاللغوية (دلالات المفردة، بيان الخاص والعام، والمطلق والمقيد، دلالات الأمر والنهي)؛
2- أدلة الأحكام؛ (الكتاب السنة والإجماع والقياس)
3- الأحكام الشرعية (الواجب، المستحب، والمباح، والمكروه والحرام)؛
4- علم التعارض والترجيح؛
5- القواعد الفقهية؛
6- فقه المقاصد الشرعية؛
7- فقه الأولويات الشرعية؛
8- فقه الجدل الشرعي وبيان مراتب حججه.

وبعض العلماء اقتصرت كتبهم على جوانب من هذه العلوم، وبعضهم تناول في مؤلف خاص علما من هذه العلوم. والحقيقة تعد هذه الذخيرة تحفا علمية، يصول في مجالها العقل ويجول. 

بعد ترجمة ابن رشد لفكر أرسطو، طفت العقلانية لتعانق مذهب المتكلمين، فأنتجت لنا معتزلة جددا يتبنون العقلانية ويقدمون الفكر على النصوص، وكثر اللغط …ط

أنُجيز علم المنطق الأرسطي أم نرفضه؟
والفيلسوف الغزالي حتى وإن تنكر للفلسفة ورد عليهم بتهافت الفلاسفة، لم يستطع نكران جوانب مضيئة من علم المنطق وأسس معيار العلم. ليفسح المجال لانتشار علم المنطق الأرسطي بمقدماته واستنتاجاته؛ بل ومن تمعن في كتابه إحياء علوم الدين يجده منطقي الترتيب، دقيق التبويب، وهذا ما يثبت بأن الفلسفة حتى وإن حاول التجرد منها لبسته وأفادته.
ومدارس علم الكلام أعطتنا فرقا وطوائف، منها ما اندثر ومنها ما كانت ذات أثر في فُرقة الشيعة   كمدرسة الاعتزال في المعتقد والسنة لبس عليهم الأشعري ضلاله فاتبعوه إلا من رحم ربك.ل.

ولئن انفصل علم المنطق الأرسطي عن مضامين أصول الفقه وضوابطه، فمازالت في كل حين فئات من الناس تدعو للقياس العقلي في عدة مجالات منها حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل؛ وغيرها من المجالات حيث يُقدم العقل على النص باعتماد طريق الاعتزال.
وكان للعزالي قدم السبق في تمهيد وتبيين معيار العلم النافع والضار. وفتح المجال لمدارسة المنطق الأرسطي لينفصل بنفسه عن غيره من العلوم.


وما آلت إليه جهود الأصوليون من تقعيد للقواعد الأصولية إلا بتبني طرق المنطق وبخاصة

مجالات دراسات : الجزء والكل.


وفي زماننا نادت مدارس علم المصطلح بتبني رؤيتها؛ حيث تعتبر علم المصطلح جزء لا يتجزأ من علم أصول الفقه، وأقامت الوحدات العلمية وانخرط بها منخرطون…


وجاء دعاة تعدد القراءات ليدخلوا للنصوص القرآنية للتعامل معها كأي وثيقة تاريخية بحثا عن دلالات جديدة ومفاهيم ضافية عما عرفه الناس عن طريق سبل الاستنباط الدلالي للأصوليين.


فحسن حنفي بقراءته التجزيئية استطاع القول بأن القرآن اشتراكي التوجه، لكنه يستدل أيضا على أنه ممكن لغيره من البورجوازيين من الاستدلال بأن القرآن يخدم فكرهم أيضا.
وهذا ما يرجعنا للتساؤل : بأية عقلية نلمس النص ولآي هدف؟


فالوجودي من خلال فكره وعقلانيته يلمس النص في قراءة تعددية دون أن يعرف للنص قدسية تذكر.فهل ما نرومه من دراسات لعلم أصول الفقه وما نسعى للحفاظ عليه صافيا نقيا من كل شائبة تصفى مشاربه في ظل هذه المناوشات الفكرية؟


فكل يلمس النصوص وتفاوتت الأغراض في لمسها فمن باحث عن نقاط تقاطع فكره مع القرآن، ومن باحث على وسم القرآن بلون من ألوانه السياسية… وكل منهم يقرأ قراءة إبليس ” لويل “للمصلين.

فالمفارقة بينة واضحة :


1- فالعقلية تبتغي تدليسا على العوام،
2- والنصوص تنتقى بفهم تجزيئي،
3- والإرادة تباينت فكل يريد أن يسوق الناس لوجهته وغرضه، إما حزبي أو سياسي أودنياوي…

وإذا ما ابتعدنا عن الأدعياء ولمسنا طوائف المجتمع المسلم نجد أيضا أزمة العقل والنقل والإرادة تستفحل أيضا فالصوفي يصرح بأنه يريد وجه الله، والسلفي يريد محاربة البدع، والحركي يريد تطبيق شرع الله في الواقع.

فهي أيضا ثلاث أغراض
1- فبعقلية المسلم المؤمن بالكتاب كله والسنة المطهرة؛
2- يلمس النصوص (كتاب وسنة)
3- من أجل تفاوت الهمم (فمحارب للبدع، وطالب لوجه الله ومجاهد لتطبيق شرع الله).

فتحديد الهدف وتسديد النظر وتقييد الإرادة بغية لا مندوحة عنها لمن رام صفو المشرب. د

اقرأ كذلك

أقصر طريق للفوز بين يدي الله

تنبثق سبيل الله القرآنية من توجيهات نيرات تربوية ربانية للدلالة على أقصر طريق الفوز والتي …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 + 2 =