الرئيسية / ثقافة عامة / صفحات تربوية / سلسلة حديث الروح 1

سلسلة حديث الروح 1

وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ [91]} الأنبياء)

هنا يتبين لنا وقد استعمل الجليل صيغة الجمع وأقل الجمع اثنان فالنفخة الربانية حملها جبريل عليه السلام وألقاها إلى مريم

فالعظيم هو أحق من يستعمل نون العظمة، لكنه قلما يستعملها، والسابغ على النصوص القرآنية هي نون الجمع وهذه حكمة يلتقطها الفاحصون للنصوص المتدبرون لأغراضها وهكذا أضحى النفخ منسوب لله ولجبريل الرسول، والنفخ من روح الله كان كذلك بالنسبة لآدم عليه السلام :

{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [29] الحجر]

لاحظ هنا الضمير نفخت فيه من روحي ، وهو ما يؤكد المنحى الذي اخترته.

فآدم نفخ فيه من روحه، وعيسى عليه السلام كذلك لكن النفخة الأخيرة كانت جد طارئة على عكس النفخة الأدمية فقد تقادمت وهذا ما يفسر رد الله جل جلاله لطلب سيدنا إبراهيم في كيفية إحياء الموتى وإنما علمه قدرته على ذلك، وعلم عيسى عليه السلام الكيفية حيث كان يصنع كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طائرا بإذن الله

{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ [110] } المائدة

وتحث الآية الباحثين في علم الطب التوسع في أبحاثهم فالروح وحدها نفخت في الفرج وجاء الولد وهذا ما لم يقل به الطب الحديث .

فالنفخة الربانية التي تمثلت في عيسى عليه السلام استطاع بها خلق الطير وإحياء الموتى وما الموت إلا خروج الروح من الجسد ونهاية الأجل.

وينطوي على المسألة علم خاص ويطل علينا سؤال طالما أجلت الكلام عليه : وهو لماذا تبرك السامري بأثر الرسول -وهو هنا جبريل – وألقى قبضة من أثره على العجل الذهبي فأصبح له خوار؟

هل رؤية الملك والجن محجوبة إطلاقا :

الجواب : لا وذلك للحديث النبوي : ” [أنَّهُ مرَّ بأبي بَكْرٍ وَهوَ يَبكي ، فقالَ : ما لَكَ يا حَنظلةُ ؟ قالَ : نافَقَ حنظلةُ يا أبا بَكْرٍ ، نَكونُ عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يذَكِّرُنا بالنَّارِ والجنَّةِ كأنَّا رأيَ عينٍ ، فإذا رجَعنا إلى الأزواجِ والضَّيعةُ نسينا كثيرًا قال فواللَّهِ إنَّا لكذلِكَ انطلِقْ بنا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه و سلَّمَ فانطلقْنا فلما رآهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ : ما لَكَ يا حنظلةُ ؟ قالَ : نافقَ حنظلةُ يا رسولَ اللَّهِ ، نَكونُ عندَكَ تُذَكِّرُنا بالنَّارِ والجنَّةِ كأنَّا رأيَ عينٍ ، رجَعنا عافَسنا الأزواجَ والضَّيعةَ ونسينا كثيرًا ، قالَ : فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لَو تدومونَ على الحالِ الَّتي تقومونَ بِها من عندي لصافحَتكمُ الملائِكَةُ في مجالسِكُم ، وفي طرقِكُم ، وعلى فُرُشِكُم ، ولَكِن يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ساعةً وساعةً .]

الراوي: حنظلة بن الربيع الكاتب الأسيدي المحدث:الألباني – المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2514 خلاصة حكم المحدث: صحيح

فالرؤية لا تنفتح لأي كان وإنما من جاهد نفسه على حياة روحه وانقشع شعاع بصيرتها فيضحى يرى ما لا يراه غيره ، حيث رؤية البصيرة ما لها من مانع فهي تخرق الأكوان وتبصر ما لا يبصره غيره. إنها رؤية البصيرة لا البصر. وهنا وقع خلط كبير لدى المحدثين الذين سعوا في رفع الحجاب عن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم في رؤية ربه فأولو البصيرة من أمثال ابن حجر كان له الرأي الوسط في المسألة بينما اغتر أكثر المحدثين بقولهم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه مكاشفة للبصر والرسول صلى الله عليه وسلم يجزم لنا جزما بأن الرؤية البصرية ممنوعة في الدنيا وممكنة في الآخرة

[إنَّ رسولَ اللهِ قال يومَئِذٍ وهو يُحَذِّرُ الناسَ مِنَ الدجالِ [أتَعْلَمُونَ أنه لن يَرَى أحدُكم ربَّه حتى يموتَ]

الراوي: بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المحدث:الألباني – المصدر: تخريج كتاب السنة – الصفحة أو الرقم: 430 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

وهذا ما يتوافق مع القرآن الكريم حين رد الله جل جلاله على سيدنا موسى عليه السلام وهو يتطلع للرؤية البصرية لربه :

{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [143] } الأعراف

ويبقى سؤال تبرك السامري بالقبضة من أثر الرسول : هل أنكر الله عليه تبركه ؟ طبعا الجواب لا.

ويتبادر للذهن سؤال مهم جدا لماذا لم يبق الله جثة سيدنا عيسى على الأرض ؟

فإذا كان مجرد التبرك بأثر الرسول قد أفضى بحياة العجل الذهبي فكيف بالتبرك بأثر النفخة الجديدة لسيدنا عيسى عليه السلام؟ ألم تر بأن هذا سيكون مدعاة لخطف جسده أو توزيع رفاته.؟ وهذا ما يفتح التساؤلات على مصراعيها إن أدرك ناس زمانه معنى للتبرك.

.

اقرأ كذلك

هداية الخلق نهم الهمم العالية‏

إن أكرم الناس عند الله المتقون وفيهم يقول الحق جل جلاله : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

7 − six =