مقاربة لتعريف القرآن الكريم‏

 

يتساءل الأدباء عن كنه الأدب وفحواه، كما تساءل علماء القرآن عن تعريف القرآن، فلم يجمع بينهم إلا قولهم : ” ما بين دفتي المصحف قرآن”1، ” كلام الله تعالى المُنَزَّل على محمد – – المتعبد بتلاوته” 1 وما عزب عن هؤلاء وأولئك معنى التعريف ولا ضوابط التحديد، وإنما شدا كل طير شدوه، وأسهم مساهمته دون إدراك الغايات والمقاصد الكلية لكل من الأدب والقرآن على حده.

وإذا تساءلنا عن غايات التشريع والحكمة الربانية من مجيء القرآن فلا مناص من استخلاص هذه الأغراض واستنتاج هذه المقاصد من بين مضامينه، حتى لا نلبسه ما اقتضاه هوانا ونصفه بما استبحنا له من أوصاف، وما ارتضته عقولنا من أغراض.
ألا ما أصعبها مهمة وأشدها مؤونة استخلاص مهام وأغراض كاتب من كتابته، فمهما بلغ باع الناقد إلا وتشد نباهته جوانب وقد يعرض عن أخر إغفالا منه أو تغافلا، أو سهوا ونسيانا؛ والأمر مخالف بتمامه حين نلمس القرآن الكريم، فقد يسره ربنا الأكرم للذكرى، وجعل درره منثورة مبسوطة لا مرفوعة عالية، ولا ممنوعة غالية، بل مبسوطة دانية، تصلها الأيدي بأبسط الأسباب، ويجني ثمارها كل من أتى الدار من الباب، ولم يتسور الأسوار، أو لم يتدنس بالأوزار.
وحمى القرآن حمى أقدس، لا يلجه خبيث مدنس، وإنما تتفتح سطوره وتشرح له الصدور بطهارة قلبية أشرقت أنوارها وتلألأت أشعتها، وتعانقت الأرواح : روح القرآن وروح الإنسان، واهتزت الأشباح إمعانا في تعظيم قول فصل ليس بالهزل اقشعرت له الجلود وأطربت له النفوس إحساسا، ثم لاذت بذكر ربها نبراسا، ولا نت له جلودها همسا : كلام جليل القدر، عظيم السر، سابغ الفضل، كريم الأصل.
وتأتي قواعده لبيان الغاية من التشريع والهدف منه، وتستمد هذه المعطيات مما جاء منثورا من صدف غاليات من آي الكتاب تميزها إرادة الله من وراء التشريع، بصيغة [يريد الله…][والله يريد بكم… ] [وَاللّهُ يَدْعُو…]
وتجلت القواعد فيما يلي :
I- قواعد التشريع اعتنى بها الأصوليون، وجاءت بمثابة الرحمة التشريعية :

1- التخفيف؛
2- اليسر؛
3- التدرج؛
4- رفع الحرج.

-IIأما باقي القواعد فهي دلالة على سبل الهداية منها قواعد اعتنى بها الفقهاء :

5- سبل إحقاق الحق وإزهاق الباطل؛
6- سبل التوبة النصوح؛

III- وأخرى اعتنى بها اللغويون :

7- طرق البيان الشافي.

-IVوأخرى تتبعها النسابون بالعناية بالنسب الشريف لما لهم من وعد :

8- . بإذهاب الرجس عن آل البيت وتطهيرهم تطهيرا يرفعهم لمكانة القدوة.

-V وتخصص الصوفية الكرام في الكلام عن :

9- تزكية الأنفس.

-VI وأغفل الأصوليون وغيرهم الكلام عن :

10- سبل السلام؛
11- تبيين سنن الذين من قبلنا؛
12- سبل إتمام النعمة؛

ولو اعتنى الأصوليون بكل الغايات وبخاصة هذه النقاط الأخيرة لتجلت لهم بحور علوم السنن الإلهية، واضحة بينة، لكن صدهم عن هذه الغايات الأشعري بعقيدة عدم تعليل أفعال الله.

مقاربة لتعريف القرآن:

ومن خلال هذه القواعد يمكن القول بتعريف جامع للقرآن :
القرآن الكريم كتاب علم الهداية على بصيرة بامتياز، أنزله الله على نبينا محمد . فهو كتاب مبين لسنن الله في القرآن والكون، أرشد إلى تزكية الأنفس وسبل السلام ، ورفع التحدي لكل القوانين والأديان، وتحدى المخلوقات في خلق ذبابة، وفي درء الموت، وأيضا في سر روحه، وقهر الخلق بثقل حججه البالغة وقوته الدامغة، ونعمه السابغة، قراءته بنية تعبد، وهو حصن حصين ونجاة لمن تمسك به في الدنيا والآخرة، فهو نور وشفاء ورحمة للمؤمنين، ونقمة وعذاب وخزي ومهانة للكافرين في الدنيا وهو عليهم عمى في الآخرة، وهو علي حكيم : يناجي رهيف الحس متنسك ، ويرفع شأن من به تمسك.

المصدر: http://www.tafsir.net/vb/tafsir35776/#ixzz2PIwyVkE5

اقرأ كذلك

أقسام القرآن‏

يقول الحق سبحانه وتعالى : ]وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

five + 13 =