( بخصوص مسألتي : اليسر والعسر )
يعتقد بعضنا بأنه إن أدى صﻻته وأتم صومه وأدى زكاته وحج فرضه ؛ فقد أدى ما عليه ؛ ويغفل عهود الله كأن الله سبحانه وتعالى وهو الحي القيوم ؛ ﻻ شأن له في تصرفات العباد ؛ وبخاصة وهو جل جﻻله يمهل العباد للتوبة واﻹنابة رحمة بالخلق ولطفا بهم ؛
{ هود – الآية 8
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۗ وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ
9 ـوَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
الآية 10وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
11 ـ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ }
يبيّن الله جل جﻻله مواقف اﻹنسان المتباينة حبا وبغضا وجداﻻ وما درى هذا المخلوق العجيب بأن الله خلقه ليبلوه ويمتحنه عن أي منهم أحسن عمﻻ ، بينما اﻹنسان تفرغ للجدال والفلسفة اﻷرضية التي ﻻ تمت للواقع شيئا. : وهكذا
1 ـ لما جاءه أمر ربه أعرض وكفر ورمى الدعوة بالسحر ؛
2ـ ولئن توعده القرآن بالعذاب : ليقولن ما يحبسه ؟عوض أن يفر إلى ربه ويجدد التوبة واﻹنابة !!
3ـ غفل بأن الوعد من الله ﻻ تبديل له وهو آت ﻻ محالة ، وظن المسكين أن ﻻ ردة لفعله وهو حر يتصرف كأن كل شيء هو ملكا له. وغفل بأن الله يجازي العبد من جنس عمله وأن استهزاءه بالرسول صلى الله عليه وسلم لن يمر من غير عقاب وبخاصة أن الله تولى الدفاع عن نبيه وكلف بذلك المؤمنين ؛
4ـ ولئن أذاق اﻹنسان رحمة ثم نزعها منه كان يؤوسا كفورا ؛
5ـ ولئن أذاقه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ؛
تلك هي فلسفة اﻹنسان في الوجود إﻻ من رحم ربك.
غفلة وراءها بﻻدة الحس وتكذيب بشرع الله : من جاء بك لهذه الدنيا ؟ ولم ؟ واين هم اسﻻفك ؟
إن امرءا تتقلب حاﻻته بين اليأس والكفر ، والفرح واﻻفتخار ، والتكذيب بالحسنى ليجد العذاب الدنيوي يتربصه ؛ وعدا ممن ﻻ يخلف لميعاد سبحانه وتعالى :
ـ ترى من جر عليه البﻻء ، أليست مواقفه. أليس هو من جنى على نفسه ؛
ـ ألم يسق نفسه إلى سبيل العسر ؟
ـ ألم يكن ربه به رحيما ، في دعوة إلى سبيله بلطف المعشر ولين الجانب ؟
ـ ألم يشق طريقه إلى سبيل العسر والعذاب ؟ راضية بها نفسه ، ممجدا لعقله ، شاكرا لدربه ؟
ـ وماذا خسر لو انساق ﻷمر ربه ؟ ولم يعرض بجانبه ؟ لمضى على درب اليسر ؛ سار به ليله ، ممجدا لربه ، ممتطيا اﻹحسان جواده ، منفقا في سبيله ، متسربلا بالتقوى ومصدقا بالكتاب الذي بين يديه ، يلمس اليسر طريقا ، ومخرجا من كل ضيق ، ويرزق بغير حساب ؛من مال وعلم الرباني فضﻻ عما منّت به يدا الكرم الرباني..
وياخسارة من جعل الدنيا نهاية أمله ، ومبلغ طموحه ، غاية مطلبه. ويا سعادة من ارتدى التقوى لباسا وسبيﻻ ، واتخذ عند ربه عهدا ، وعند الصالحين يدا .
وهكذا نلمس من القرآن سبيل اليسر عهدا من الله لمن مدّ اليد باﻹعطاء والقلب بالتقوى والعقل بالتصديق بالحسنى :
{الليل – الآية 5 : ” فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ 6وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ 7 فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ
10الليل – 8 وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ، 9 وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ 10 فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ
تلك هي منارات اليسر والعسر
فالبخل أساس العسر ومنشؤه يعقبه اﻻستغناء بالعقل عن الشرع وتوجيهاته ، وتكذيبه له : وعندها يفتح باب العسر في وجه العبد.
فالعطاء والكرم أساس اليسر ، ، الخطوة الثانية واتقى ، والخطوة الثالثة : وصدق بالحسنى ويفتح باب اليسر في وجه العبد.
وأما الزمان فالله جل جﻻله جعله بين الناس دوﻻ ،
{ آل عمران – الآية 140 إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }
وﻻ غرو أن من يمهلك بضع سنين فقد قطع حجتك بين يديه وﻻ حجة لمحتج عندئذ.