بين العقل والتسليم لأمر الله
16 أبريل، 2013
صفحات تربوية
83 مشاهدات
كيف نفهم العلوم الشرعية وبخاصة الفهم عن الله الذي هو أساس الفقه الأكبر -كما سماه الفقهاء -، بين حدودي العقل والتسليم للإرادة الربانية؟
فحين نتابع السيرة النبوية الشريفة للإجابة عن هذا السؤال الشائك نجد :
1- في الهجرة النبوية، يرفع النبي صلى الله عليه وسلم التحدي عاليا في وجه قريش:
{قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } [الأنعام : 135]،
وتعلم قريش بجدية التهديد والوعيد، فيستاءل متسائلوها
{فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ [الشعراء : 203]}؟
ويرد الحق جل جلاله:
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ [الشعراء : 204]أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ [الشعراء : 205]ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ [الشعراء : 206]مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء : 207]}
وتبدأ قريش مؤامرتها لتصفية الحساب مع النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وحينها يؤمر الرسول الأكرم بالخروج من مكة، وهو مظهر لا يتقبله عقل؛ بعد أن توعد قريش بأن عاقبة الدار ستكون له؛ بل يكفي أن علماء النفس يعتبرون هذا الموقف : فرارا بالاستقالة؛ ومع ذلك امتثل أمر ربه، وخرج وفي سبيله إلى المدينة ينزل التعليل تثبيتا لنبينا الكريم { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [القصص : 85].
وحينما أعلم الله الرسول الكريم بما سيكون من شأن زيد وزوجه، وجد النبي الكريم حرجا شديدا وأخفى في نفسه ما الله مبديه، وقال لزيد أمسك عليك زوجك واتق الله: عندها كشف الوحي عما خالج الرسول الأكرم من حرج وعاتبه عتابا شديدا:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب : 37]؛
وعليه فالانقياد للتوجيهات الربانية أولى بالتسليم، من البحث والتحقيق العقليين، بحثا عن العلة الغائية من وراء الفعل. وبعد تقرير هذا ننظر في قصة الخضر عليه السلام وما جاء به من الأمور الاحترازية والوقائية اكتنفها الغموض وعدم الفهم لأسرارها من قبل سيدنا موسى، بينما كان التسليم والإذعان من قبل الخضر عليه السلام وهو يؤكد وما فعلته عن أمري.
فالمأمور عليه بالتسليم والانقياد، وهذا ما يتوافق والتشريع الرباني:
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [الأحزاب : 36]؛
أما نحن ننظر للأمر من زاوية بحثية بحثة؛ بأن المسألة تعلقت بدراسة احترازية لكل أفعال الخضر عليه السلام.