الدعاء بالشر يحيق بصاحبه
15 غشت، 2013
صفحات تربوية
20,335 مشاهدات
نشرت قناة العربية جدلا دار حول تسرع الناس بالدعاء بالشر على أمريكا على أعقاب أحداث “الساندي” وهو كما يلي
“مفتي السعودية: الدعاء على ضحايا ساندي غير مشروع”
وسط جدل أثارته تغريدات تدعو على أمريكا في ظل الآثار المدمرة لإعصار “ساندي”، حذّر المفتي العام للمملكة، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، من الدعاء على العموم وقت حصول الكوارث الطبيعية، مؤكداً أن هذا الدعاء “غير مشروع، ولا تظهر فيه وجاهة”.
وقال لصحيفة “الحياة” اللندنية “إن الدعاء العام على هؤلاء الذين أصابهم إعصار ساندي لا يليق، لأن منهم فئة مسلمة كبيرة، فلا ينبغي الدعاء عليهم، إنما ندعوا للمسلمين بالتمكين، وأن يعينهم الله على الطاعة”.
وأضاف: “يجب على المسلمين الاعتبار بما يحصل من الكوارث، وغير ممكن الدعاء عليهم بالعموم، وهذا الدعاء ليست فيه مصلحة للمسلمين، بل ينبغي تركه”.
وكان مغردون أطلقوا تغريدات يدعون فيها على أمريكا بالهلاك، وإن كان آخرون أطلقوا “هاشتاق” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” لمتابعة أنباء الإعصار ساندي، والاطمئنان على أقاربهم في الولايات الأمريكية المتضررة.
وسارع الشيخ سلمان العودة إلى إطلاق تغريدة خاطب فيها الداعين إلى أن يكون “ساندي” كارثة لأمريكا قائلاً: “أسوق لهم قول المصطفى لوثنيي مكة: بل أرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبده”.
في حين أطلق أستاذ للعقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود تغريدة رداً على العودة، قائلا “بل نسأل الله أن يهلكهم بدداً ولا يبقي منهم أحداً”. وأضاف أن هناك “فرقاً بين دولة تتقوى على حرب المسلمين والتعدي عليهم في بلدانهم وبين تلك الحال”، في إشارة إلى الدعاء على مشركي مكة.
وبدأت جدلية الدعاء على أمريكا بـ”هاشتاق” قال من أطلقه: “اللهم اجعل ساندي كريح قوم عاد”. وتلقى مطلقه عدداً كبيراً من التغريدات الرافضة لتوجهه.
ويبدو أن عدوى الدعاء و”الشماتة” ملأت أيضاً أثير مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، إذ إن مغردين مصريين كثر عتبوا على المنادين بالدعاء على أمريكا. “
تعقيب
ونكل نيات الكل لعالم السر وأخفى ، ومهما كانت أسباب ودواعي تحريك الفتوى فحقيقة الدعاء من عبد أخلص النية لوجه الله وقد طهر لباسه
ومطعمه من الحرام، هو حقيقة دعاء لا يرد؛ لوعده سبحانه وتعالى:
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[60] } غافر
ومن المعلوم بأن عند كل دعاء في ظهر الغيب يوكل الله ملكا يؤمن على الدعاء ويعقب على الداعي بالمثل لقوله عليه الصلاة والسلام:
[ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب بدعوة إلا وكل الله به ملكا كلما دعا دعوة قال الملك الموكل به : آمين ولك مثله]
(الراوي: – المحدث: ابن تيمية – المصدر: مجموع الفتاوى – الصفحة أو الرقم: 1/79، خلاصة حكم المحدث: صحيح )
ومن هنا ندرك بأن الدعاء هو نوع من الشفاعة للخلق لا ينبغي أن يكون بالشر كيفما كانت الأحوال وذلك:
1 ـ لكون الدعاء بالشر جاء في القرآن بصيغة الذم وهو ما يعني لدى الأصولية بالنهي والتحريم :
{{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولً [11] الإسراء
2 ـ والمؤمن الكيس الفطن يعرف كيف يشفع الشفاعة الحسنة التي يكون له نصيب منها، أما الشفاعة السيئة فلا يدخل مجالها لكونها تضيف إليه كفل منها لقوله تعالى :
{ مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا [85] } النساء
والكيس الفطن هو من أدرك من أين وكيف يستجاب دعاءه دون أن تصيبه مصيبة تعكر صفو مشربه، فمثلا أراد أن يدعو على اليهود المحاربين للمسلمين فهو يطلب الله النصر للمؤمنين على اليهود وبذلك يكون قد أدى خدمة لأمته يكون لها نصرا، كما يكون لصحيفته نتائج النصر، وما ترتب عليه من فضل.
أما الدعاء بالشر عموما فهو مذموم منهي عنه، ولو على أعدى أعداء الأمة لما يترتب على ذلك من كفل وزر يتحمله الداعي.
وأما الذين اعتمدوا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وقنوته على الكفار أقول لهم فاقرأوا رد ربه الذي جاء تصحيحا لمسار أمره عليه السلام:
{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ [128] } آل عمران
ذلك لكوننا في دنيا الله الذي بيده ملكوت كل شيء، وليس من ذلك شيء لمخلوق، وأن كون الله تحكمه سنن الله القرآنية والكونية ولا مجال فيه لعبث، العابثين ولا لأمنية المتمنين، وإنما هو نظام رباني قائم بالقسط لكون رب العزة ربا للجميع:
{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا [133] } النساء
وكم غاضني وأنا أتابع وقفات المجاهدين بميدان رابعة العدوية ومن بينهم رموز وعلماء كثر عددهم ، ومع ذلك خصصوا ليلة القدر وجعلوها تحت.
شعار : ” ليلة الدعاء على الظالمين ” ، وإنا لله وإنا إليه راجعون
هذا هو بيان وجه الأمر في هذه المسألة، ومن الله استمددت العون والسداد ، والله أعلى وأعلم.