يقول الحق جل جلاله :
سورة النساء
{ 25) يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27)
اقتضت رحمة الله بخلقه أن يرشدهم لما وضعه من قوانين وما بثها من عهود لكل شيء في هذا الوجود حتى يمضوا على هدى من ربهم ؛ لكون القرآن الكريم جاء كتاب هداية للمؤمنين ورحمة بهم وفتحا لمجال المعرفة العلمية والتفاعل مع الكون ونوامسه. وبهذا أسس لنا علوم الاجتماعية والسياسية كما كشف لنا أصول العلوم الاقتضادية والقانونية وسواء أكان القانون الدستوري ، أو القانون الإداري أو القانون العام… وجعل
من هذه الخطوط العريضة ضوابط للناس لتأمين سيرهم وفق مراد ربهم إن هم راموا اتباع الهدي الرباني.
وهكذا أبان جل جلاله بأنه سبحانه من رؤوف رحيم يريد تعليمنا سنن الذين من قبلنا ؛ وهي قوانين ونواميس الكون وضوابطه لعلنا ندرك مقدار النعمة التي سخرها الله لنا.
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) } سورة الحج
ولهذا يوجه أنظارنا :
سورة الروم
{ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) }
سورة الحج
{ وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) }
سورة فصلت
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) }
كيف كانت الأرض جذباء قاحلة فأنزل الله عليها ماء فازدهر نتاجها وأخرجت علاتها مختلفة أذواقها ، متباينة أشكالها ، متشابهة أزواجها ، منها الحلو والحار والحامض ، إنها آثار رحمة رب العالمين ، الذي أوفى بما تعهد به :
سورة طه
{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) }
وفي سورة لقمان عليه السلام يطلعنا في استفسار استنكاري بأنه سخر لنا كل ما في السماوات والأرض ؛ بمعنى أن الكل في خدمة هذا البشر :
{ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20)؟ }
ولم يكتف القرآن الكريم ببيان الأمور التي سخرها لنا بل أبان لنا سنة الله في الأمور الاجتماعية للخلق وشرح لنا كيف جعل لما من كل شيء زوجين وجعلها أسا من أسس البنيوية لكل السنن حتى نتبين في تحليلاتنا الأمر وما يناقضه وكيف يتحول الشيء من الأصل إلى مكمله ذي الصفة المناقضة وترك حرية الاختيار للعباد ليسلكوا بمحض اختيارهم مثلا درب الصالحين أو درب المفسدين وأطلعنا على سنته في الخلق سواء منهم من أصلح أو من أفسد في الأرض ، فجعل العاقبة للمصلحين :
سورة الأنبياء
{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) }
وكان الله بالمرصاد للماكرين وحكى لنا نماذيج وسنن ممن سبقونا :
سورة النمل
{ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) }
وجعل جزاءه من جنس عمل الخلق عدلا منه وإنصافا : فمن أصلح كانت له عاقبة الدار ومن أفسد في الأرض كانت عاقبته تدميرهم أجمعين ؛ لكن الطبيعة الاستعجالية للخلق لم تتركهم يقرأون سنة الله في الخلق قراءة حكمية مما حجب عنهم صحيح الرؤية ، كما لم تتبن للمستعجلين نوامس كون الله ومسارها التاريخي ؛ لكون الله يمهل ولا يهمل وجزاؤه قد يتأتى بين عشية وضحاها أو قد يطول في ظرف بضع سنين لكنه نافذ لا محالة ولن تجد له تبديلا ولا تغييرا.
ففي الوقت الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يرفع التحدي للكافرين عاليا ببيان شاف لم يترك لبسا لم يستر غشا ، ولم يبد مكرا :
سورة الأَنعام
{ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) }
لم يكن الأمر هنا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم بل كان ساريا على كل الأنبياء الذين كانت مهمتهم تغييرية لواقع فاسد ؛
سورة الأَحقاف
{ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) }
وهكذا يسوق القرآن نموذج لقوم شعيب وهو يرفع لهم التحدي
سورة هود
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) }
وتفيد هنا عبارة ” لما ” المدى الزمني الذي يقدر ببضع سنين والذي تم استخلاصه بدراسة قرآنية من وقائع القصص القرآني أو من صريح عبارات الآيات المحكمات.
ويا كم حثنا لاستكشاف قواني الأشياء المبثوثة في الكون :
سورة الفرقان
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) }
وكلنا يدرك من انتفع بهذه الإشارة الربانية وما استخرجوه لنا من فنون التصوير والأفلام وغيرها من المخترعات التي تأسست وانبثقت من هذه الإشارة.
كما ندرك من هذه الطرق التعليمية فنون الإرشاد لسبل المعرفة لتمكين الطالب من استخراج الاتدلالات والاستنباطات من أدنى إشارة تثير إحدى مدراكه من سمع وبصر وفؤاد ؛ أو ما زاده الله للمؤمن من حواس انتفع بها من رؤية صالحة ، و إلهام وفراسة، والكشف والكرامة. وهي أمور قد لا تقتصر على المؤمنين وإنما تشمل أصنافا من الناس.
وهكذا فتح لنا بابا دراسيا لكل استفسار جاء بهذه البنية اللغوية ألم تر ، أو لم يروا؟ ومن جملتها قوله عز وجل :
سورة لقمان
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) }
وإذا ما لاحظنا مقارنة للمثال السابق بالمثال الحالي تبينت لنا استنتاجات عن جريان الأرض حول نفسها وحول الشمس وعن كيفية إيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في الليل.
سورة لقمان
{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }
وبهذه الإشارات بطرق حكمية والوقوف معها نضع اليد على الأسس البانية للعلاقة التفاعلية بين سنن الله الشرعية والتي هي مجرد نصوص من الكتاب بالسنن الكونية والتي بثها خالقها في هذا الكون والتي تتجلى في الشمس والقمر والنجوم والمخلوقات من إنس وجان ومطر وبرد ورعد وبرق و… نتائج البحث عن ” يروا إلى الطير” : 2 نتيجة
سورة النحل
{ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) }
سورة الملك
{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) }
وهي تنبيهات استفاد منها الإنسان في علم الطيران…